الناس في رمضان

الناس في رمضان


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه ،،

أما بعد ،،


فإن الناس فى شهر رمضان ينقسمون إلى أقسام فمنهم:


قسم ينتظر هذا الشهر بفارغ الصبر و تزداد فرحته بوصوله فيشمر عن ساعد الجد و يجتهد في شتى أنواع العبادة من صلاة و صوم و صدقة و ذكر و غير ذلك , و هذا خير الأقسام


قال بن عباس رضى الله عنهما :"كان النبي صلى الله عليه و سلم اجود الناس بالخير و كان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل و كان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه و سلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة" [صحيح البخاري/ 1902]


و من الناس قسم يدخل عليه شهر رمضان و يخرج و هو على ما كان عليه قبل رمضان , فلم يتأثر من شهر الصيام و لم يزدد رغبة فى الخيرات و المسارعة إليها , و هذا ممن فَوَّت على نفسه غنيمة لا تقدر بثمن إذ أن المسلم الحريص يزداد حرصه في الأوقات التي يكثر فيها الخير و الثواب.


و من الناس قسم لا يعرف الله إلا في رمضان

فإذا جاء رمضان رأيتهم ركعاً سجداً فإذا انسلخ رمضان عادوا إلى ما كانوا عليه من المعاصي , و أولئك القوم قد ذُكِروا للإمام أحمد و الفضيل بن عياض فقالا : "بئس لبقوم لا يعرفون الله إلا في رمضان" .

و على ذلك فليعلم كل من كان من هذا الصنف أنه بفعله ذلك قد خادع نفسه و ظفر الشيطان منه بشئ كثير {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ } [محمد/25] و إلى هؤلاء القوم نخاطبهم مرغبين لهم و مرهبين , مرغبين لهم أن بتوبوا إلى الله توبة نصوحاً و يستغلوا هذا الموسم للإنابة و الإخبات إلى ربهم و الاستغفار و الاقلاع عما سلف منهم

قال تعالى (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [سورة طه/ 82]

فإذا علم الله منهم الصدق و الإخلاص تجاوز عنهم كما وعدهم و الله لا يخلف الميعاد .

أما إذا أصروا على ذلك فنرهبهم من فعلهم و أنهم على خطر عظيم ، وأى خطر أعظم من الاستهانة بفرائض الله و حدوده و أوامره و نواهيه.






و من الناس قسم يصوم بطنه عن المطعومات و لا يلتفت لما سوى ذلك ,

فتراه أبعد الناس عن الأكل و الشرب في رمضان لكن لا يجد حرجا فى سماع المنكرات و الغيبة و النميمة و السخرية بل وهذا ديدنه في رمضان و غيره و إلى هؤلاء يقال اعلموا أن المعاصي محرمة في رمضان و غيره لكن تزداد حرمتها في رمضان على قول بعض أهل العلم.

و لتعلموا أنكم بفعلكم ذلك قد جرحتم صيامكم و فرطتم في أجر كثير .

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول صلى الله عليه و سلم (من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله عز و جل حاجة في أن يدع طعامه و شرابه) [صحيح البخاري/6057]



و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (ليس الصيام من الأكل و الشرب إنما الصيام من اللغو الرفث, فان سابك احد او جهل عليك, فقل اني صائم اني صائم) [صححه الألباني في صحيح الجامع]


و من الناس قسم جعل نهار الصيام رقاداً و ليله سمراً و لهواً فلا هو استغل نهاره بالذكر و الخير و لا هو نزه ليله عن المحرمات

و إلى هؤلاء يقال اتقوا الله في أنفسكم و لا تفرطوا في خير وصل إليكم و أنتم في رخاء و رغد من العيش و توبوا إلى الله توبة نصوحة و أبشروا من الله بما يسركم


و من الناس قسم لا يعرف الله في رمضان و لا غير رمضان

و هذا شر الأقسام و أخبثها و أخطرها . فتراه لا يلقى بالاً لصلاة أو صيام و يترك ذلك عمداً مع وفور الصحة و العافية و يدعي بعد ذلك أنه من أهل الإسلام و الإسلام منه بعد المشرقين و أهل الإسلام منه براء و إلى هؤلاء يقال : بادروا بالتوبة و ارجعوا إلى دينكم و اطووا صفحة مظلمة من حياتكم , فإن ربكم رحيم لمن أطاعه شديد العقاب على من عصاه.

هذا مجمل أقسام الناس في رمضان و إن كان بعض الأقسام قد يدخل في بعض إلا أنه لابد من التبيان و الإيضاح.

و نسأل الله أن يبلغنا اتباع الحق و البعد عن أقسام الشر و نسأله جل و علا الهداية و الرشاد لمن سلك طريق اللهو و غيره ... و أن يبلغنا جميعاً هذا الشهر الكريم و يرزقنا أن نكون من عتقائه.



من كتاب : مخالفات رمضان